الاثنين، 2 مايو 2011

كيف يتابع المصريون ( الثورة ) في اليمن

   قال لي صديقي وهو يحادثني لقد صرت أتجنب الشراء من جاري المصري البقال وأتجاوزه إلى آخر أبعد ، لماذا ، سألته ، فقال لإلحاحه علي وهو يعرف أنني يمني بالسؤال متى سيرحل ( الريس بتاعكم ) ، حتى ظننت أنه سيرثه في سدة الحكم ، ولأن ( الريس بتاعنا ) طولها زيادة ، فقد مللت من الاثنين ، تناحة رئيسنا اليمني ولحاحة جاري المصري .
   ولقد ضحكت من أعماقي لقوله ، لا لأنه مضحك في حد ذاته ، لكن لأنه عبر عن حالة الملل والحرج التي أحسها أنا بدوري من جيراني ، بل ومن كل من يعرفك من هيئتك أو لهجتك أنك من يمن الإيمان والحكمة ، جميع فئات الشعب المصري تسأل ، البقال في دكانه ، والبواب تحت العمارة ، والقهوجي في قهوته ، والسواق في عربيته ، والطبيب في عيادته ، والأستاذ في الجامعة ، الكل يسأل : ( الريس بتاعكم مشي ولا لسه ، وامته حيمشي ) ، ( مين هيسبق التاني .. بتاع ليبيا ولا بتاعكم ) ، ( أنتو ليه لحد دلوأتي مش آدرين عليه ) ، ( إنته مع مين .. مع الثورة ولا مع النظام ) وهكذا تطاردك الأسئلة عَ الرايحة والجاية وتلزمك بأن تكون مراسلاً متجولاً ومحللاً سياسيًا في الوقت نفسه .
   ولطول الفترة وتكرار الأحداث وانشغالاتي الخاصة صرت شخصيًا زاهدًا في سماع الأخبار ، ولاسيما ما تعلق منها باليمن وليبيا التي تتراوح الأخبار عنها في محلها ، حتى إنك تستطيع أن تتنبأ بها قبل سماعها ، ولكن هيهات مع الآذان الجائعة ، والأسئلة التي تطاردك وما تشمله من إشاعات يتفنن المصريون في اصطناعها فيسألونك عن حقيقتها ، ومن ثم تعود مضطرًا لسماع الأخبار ولو موجزها حتى لا يصبح منظرك بايخًا أمام طابور المتسائلين من إخواننا المصريين المصرين على أن يستمعوا منك شخصيًا عن كل شاردة وواردة ، وكأنهم حين يرونك تقبل عليهم إنما جئت من إحدى ساحات المعتصمين ، أو انصرفت توًا من اجتماع مع الرئيس أفضى إليك فيه بخططه الزمنية للرحيل .
   ولعل هؤلاء المصريين معذورين في إلحاحهم ومتابعتهم الجادة جدًا لوضع الثورات العربية في اليمن وغيرها فهم ما زالوا يشعرون بزهو الانتصار بإسقاطهم لرئيس الرؤساء ، ويتلذذون بنشوة المطاردات والمحاكمات والسجون التي مدت قضبانها على من كانوا يرونهم إلى ما قبل أيام قليلة كاتمين على أنفاسهم ، ويقبلون على الصحف المصرية المكتظة بتفاصيل الفضائح في كل شئون أولئك أثناء توليهم للمسئولية حتى وصلت إلى أحوالهم الشخصية والأسرية ، وكأنهم يتمنون لسائر إخوانهم العرب أن يتنعموا بما هم فيه من زهو وتشفٍّ من حكامهم الذين كانوا بالأمس يرونهم يخضعون دون تردد لرئيسهم الذي تمكنوا في فترة قياسية من إسقاطه وإذلاله .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق