الجمعة، 4 مارس 2011

الحراك ( الجنوبي ) ومسألة الهوية

بقلم/ د. أحمد هادي باحارثة
   مكونات ما بات يعرف في الساحة السياسية اليمنية اليوم بالحراك الجنوبي وبكل أطيافها طفقت تردد الدعوة إلى إنشاء هوية مغايرة في المحافظات الجنوبية والشرقية تحت مسمى ( الجنوب العربي ) ، وترى في ذلك خلاصًا من الارتباط بالهوية اليمنية لتلك المحافظات التي تنشط بها عناصرها .
فما وجه الحق أو الباطل في تلك الدعوة ؟
وما الفرق بين قولنا الجنوب العربي وقولنا الجنوب اليمني ؟
وما موقفنا نحن الحضارمة من تلك الدعوة وذلكما المصطلحين السياسيين ، هل نحن حضرميون أو جنوبيون أو يمنيون ؟
لقد حملت المحافظات الشمالية اسم اليمن رسميًا منذ 1918 بينما لم تحمل المحافظات الجنوبية والشرقية هذا الاسم بصورة رسمية إلا منذ أواخر سنة 1967 ، وكانت قبلها تعرف بعدن والمحميات ثم حلت محلها تسمية الجنوب العربي .
كانت تسمية الجنوب العربي تعني المناطق الواقعة جنوب الجزيرة العربية ، وهي بهذا المعنى تسمية صحيحة تشمل حضرموت وجاراتها من المهرة حتى عدن .
ثم انحرفت تسمية الجنوب العربي إلى الجنوب اليمني فاختل الأمر لأن النسبة تحولت من جزيرة العرب إلى أحد أقاليمها وهو اليمن .
ووجه الاختلال أن التسمية الجديدة لم تعد تشمل حضرموت بالأصالة لسبب بسيط وهو أن حضرموت ليست في جنوب اليمن وإنما في شرقه ، ومن ثم أصبحت حضرموت مجرد ملحق بالجنوب بتلك الصفة . ولكم عانت حضرموت من جراء ذلك .
فعلى هذا كان من الحق العودة إلى التسمية الأولى الأوسع جغرافيًا لتلك المحافظات الست أو السبع ، أي الجنوب العربي وهو ما يفعله جماعة الحراك اليوم .
لكن هل يعني هذا نفي يمنية الجنوب العربي ؟ قد تقول نعم وقد تقول لا والإجابتان كلتاهما صحيحتان بوجه من الوجوه . كيف ؟
ما هي هوية اليمن ؟ إن له هويتين متمايزتين هوية جغرافية وهوية سياسية ، فإذا اعتبرنا الهوية الجغرافية فإن الجغرافيا تقول كل جنوب الجزيرة العربية أو معظمه من اليمن . ومن ثم فكل مناطق الجنوب العربي هي يمنية بالأصالة .
ثم تأتي الهوية السياسية التي تعني حدود الدولة المعاصرة التي تمثل اليمن الرسمية فنجد أنها ظلت منحصرة أكثر من نصف قرن في المناطق الشمالية لا غير لا يعرف العالم يمنًا غيرها .
ثم اختارت المناطق الجنوبية والشرقية الهوية اليمنية طوعًا وكان بإمكانها اتخاذ هوية مستقلة بذاتها ، دون أن يتنافى ذلك مع يمنيتها . تمامًا كما هو حاصل في منطقة المغرب العربي التي تتوزع إلى عدة دول أو هويات سياسية متغايرة لم يحمل منها اسم المغرب سوى دولة واحدة ومع ذلك لم ينكر أي منها هويتها المغاربية بدليل انضوائها جميعًا في منظمة تحمل اسم اتحاد دول المغرب العربي . 
   ومن هنا يتبين خطأ جماعة الحراك في التنكر ليمنية المحافظات التي ينشطون فيها وهم ليسوا في حاجة لذلك التنكر ، فأخضعوا الجغرافيا بل التاريخ أيضًا لحد كبير لمناكفات أو نزاعات سياسية ، وأوقعوا أنفسهم وأنصارهم في حرج وحيرة ، وهم ليسوا مضطرين لنفي اليمنية للحصول على هوية سياسية مغايرة ، فثمة أراض شاسعة هويتها الجغرافية يمنية لكنها سياسيًا لها هوية مغايرة ، وعسير أقرب مثال لذلك ، أليس كذلك ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق