الجمعة، 4 مارس 2011

رؤية المؤرخ البكري للوحدة اليمنية

رؤية المؤرخ البكري للوحدة اليمنية
   ربما أكثركم لا يعرفون شيئًا عن هذا المؤرخ الحضرمي صلاح عبد القادر البكري الذي ولد في إندونيسيا وزار حضرموت طرفًا من طفولته ليرحل منها سريعًا إلى مصر فيتعلم في مدارسها ويدرس في جامعاتها ويتخرج أستاذًا في التاريخ ليعمل مدرسًا في بعض مدارسها قبل أن يغادرها إلى بلدان أخرى وقد احترف العمل الإعلامي لينتهي به المقام في الحجاز بالسعودية ليصبح من رواد إعلامييها .
   كان البكري من بين من بشروا بوحدة اليمن بجميع أرجائه بوصفه إقليمًا واحدًا وإن مزقته السياسة إلى ممالك وسلطنات ومشايخ يقول :
   " كلنا يؤمن إيمانًا وثيقًا باليمن الكبير ، واليمن الذي لا يوجد فيه ما يميز بين أبنائه في الحقوق والواجبات ليسيروا صفًا واحدًا متراصًا في طريق التقدم والحضارة فيحتل وطنهم مرة أخرى مكانه تحت الشمس ضمن الأوطان الحرة الكريمة " .
   لكنه كان يرى لتحقيق وحدة طبيعية بين الكيانات اليمنية أن تنبني على أسس تراعي الأوضاع التاريخية من ناحية والأوضاع السياسية والاجتماعية القائمة ، فمن الناحية الأولى يرى أن اليمن كيان واحد لكنه لم يخضع لحكومة بعينها ومن ثم فهو يرفض أن تتم الوحدة على أساس ادعاء تبعية جزء لآخر وعليه يرفض مجرد ضم مناطق الجنوب إلى " صنعاء بدعوى أنها كانت تابعة لهم والإنجليز هم الذين فصلوها عنها " ، ويرى في ذلك تزييفًا تاريخيًّا .
   والحقيقة أن الإنجليز هم أول من رسم حدودًا رسمية قسمت اليمن إلى يمنين ، وقبلها كان يمنًا واحدًا قد تنشأ له حكومة واحدة مثل بعض الدول الكبرى في العصر الإسلامي كالزيادية والرسولية ، وقد تقتسمه مجموعة حكومات ، وهنا لا يرى البكري أن تتدعي أي حكومة في هذه الحالة تبعية سائر اليمن لها .
   ويطالب بقيام وحدة على أساس الشراكة والشورى والمساواة بين كل أرجاء اليمن ، فيقول إنه يريد اتحادًا " يعتمد على أساس من العلم والعدالة والمساواة والحرية والديمقراطية والشورى ، فإذا ما تألفت حكومة في أية بقعة من البقاع اليمنية على هذه الأسس المتقدمة فلن يتخلف عن التعاون والتعاضد معها إلا خائر النفس أناني الضمير " .
   فقضية وحدة اليمن كما يراها ليست قضية سياسية تعني ذلك الحاكم أو ذلك الفصيل السياسي بقدر ما هي مسألة مصير شعب ومستقبله ، يقول :
   " القضية هي قضية الشعب اليمني بأجمعه لا قضية سلاطين أو قضية إمام مهما كانت قيمة هؤلاء السلاطين أو عظمة ذلك الإمام ، وهذا الشعب لا يمكنه أن يلقي بمقاليد أموره طائعًا مختارًا إلا لمن اطمأن إليه ووثق به وبانتهاجه الأسس التي تعود على الشعب بالهناءة والسعادة والعزة " .
   ومن ناحية أخرى ينظر البكري لواقع الشمال الذي كان خاضعًا لحكم الأئمة فيرى أن الجنوب كان أكثر منه تقدمًا ، ومن ثم طالب بإصلاح شأنه قبل الإقدام على أي خطوة وحدوية مع ذلك الكيان المتوكلي الذي كان ينفرد رسميًا باسم اليمن ويقول عن من كانوا يتعجلون الوحدة من الحضارم مع ذلك الكيان :
   " هم يعلمون أن اليمن متأخرة في كل شيء عن حضرموت ، وأن اليمنيين أموات والحضارم أحياء ، ومع هذا يريدون أن تخضع حضرموت لليمن وأن يحكم الأموات الأحياء ، فهل يريدون أن يرجعوا الحضارم إلى الوراء متتاليين " .
   لقد كتب المؤرخ البكري رؤيته هذه في نهاية الأربعينيات ، وطوحت به الأقدار بعيدًا عن بلاده ، ومع ذلك ارتبط بها في كتاباته التاريخية ، لكنه لم يمت حتى شاهد اليمن تتوحد ، إلا أنه كان في آخر عمره وقد استقر به المقام مجاورًا للبيت الحرام متمتعًا بالجنسية السعودية ، وتوفي عام 1993 ، لكن هل تحققت الوحدة اليمنية على حسب الرؤية التي كان قد نظّر لها ؟
سؤال في ختام خليجي 20 :
سمعنا أن أحد أنظف شوارع عدن قد أطلق عليه اسم شارع ( الرباعية ) . أصحيح هذا ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق