سمحت المواقع الإكترونية لروادها بهامش تعليق على أخبارها وما يكتب فيها من مقالات ، فتفنن هؤلاء بدورهم في كتابة تعليقاتهم حول ما يطلعون عليه يبدون فيه آراءهم إن حقًا وإن باطلاً ، متخذًا أغلبهم قناعًا من الأسماء المستعارة التي لا تخلو بعضها من طرافة وقد يلتزم بعضهم اسمًا مستعارًا محددًا يعرفه به طائفة من معارفه .
وهو ما يذكر بجماعة من جيل الرواد من كتابنا الكبار في القرن الماضي ممن درجوا على كتابة مقالاتهم التي لا تخلو من نقد عنيف في كثير مما يكتبونه في الصحافة الوطنية ولا سيما في فترة ما قبل الاستقلال ورحيل السلاطين وتسلط الرفاق .
ومن أبرز هؤلاء الرواد الأديبان المؤرخان سعيد عوض باوزير ( 1978 ) ومحمد عبد القادر بامطرف ( 1988 ) ، ومن الأسماء المستعارة التي كان يتخذها باوزير ( عصام ) لمقالاته النقدية الاجتماعية في صحيفة الطليعة التي كانت تصدر بالمكلا منذ أواخر الخمسينيات .
أما بامطرف فقد اتسع بأسمائه المستعارة التي ذيل بها مقالاته ذات الطابع السياسي والاقتصادي ، ومن أسمائه التي تقنع خلفها ( الصريح ) و ( المجهول ) في صحيفة فتاة الجزيرة الصادرة في عدن منذ مطلع الأربعينيات ، ثم استقر على الاسم المستعار ( ابن الساحل ) في صحيفتي الطليعة والرائد بالمكلا .
ويلاحظ أن كبار كتاب وادي حضرموت في تلك الفترة لم يصطنعوا تلك الأسماء المستعارة إلا شيئًا يسيرًا سواء في الصحف المحلية بحضرموت أو الصحف اليمنية في عدن وصنعاء وتعز ، مثل محمد بن هاشم ( 1961 ) وصالح الحامد ( 1967 ) وحسن بن عبيد الله السقاف ( 1985 ) ، وذلك لعراقة الثقافة الحضرمية بالوادي الذي سبق ساحلها بأشواط ، يقول المؤرخ باوزير عن سر تفوق أدباء الداخل :
" عاش هؤلاء الأدباء في تريم وسيئون المدينتين اللتين نالتا قسطًا من الاستقرار السياسي والانتعاش الاقتصادي وكانتا لذلك مسرحًا لأكثر الشخصيات التاريخية المعروفة بالعلم والسياسة والشعر والتأليف " .
وعمومًا فقد تباين موقف أدباء ساحل حضرموت من الكتابة خلف الأسماء المستعارة فمنهم من ولع بها ومنهم أعرض عنها بل نصح بتركها ، لما أدت إليه من إسفاف في كتابات بعض من أساء استعمالها حتى قال أحدهم عنهم " إن المكلا وإن فيها عدد من المتأدبين فإنها مصابة بهم لأنهم جميعاً مصابون بمرض الجبن... وإنما المكلا فيها لفيف من الذين يستهويهم التفنن في اختيار الأسماء المستعارة وهذا ادعاء في الأدب لا أدب " .
لكن بامطرف وهو المتفنن في أسمائه المستعارة التي ليس منها ( نسيب ) كان مدافعًا عن حق الكتابة خلف الاسم المستعار سواء أكان ذلك لسبب يخص الكاتب أو هي كما يقول : " مسألة مزاج من جهة الكاتب وإضفاء صبغة مميزة ثابتة للصحيفة من جهة إدارة الصحيفة " ، تمامًا كما يحصل في الصحف الإلكترونية اليوم ومن بينها المكلا اليوم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق